عن حقيقه الخلاف بين تنظيم القاعده الأم و"داعش"

الثلاثاء 09/سبتمبر/2014 - 09:55 م
طباعة مواجهة بين الظواهري مواجهة بين الظواهري والبغدادي
 
أيمن الظواهري
أيمن الظواهري
يذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) والمعروف إعلاميا باسم داعش هو النسخة المستحدثة لتنظيم  (القاعدة). وهو ما يعرف بالجيل الثالث لتطور تنظيم القاعده، وعلي الرغم من صعود نجم داعش بإحرازها تقدما غير مسبوق على أرض الواقع؛ حيث تم الاستيلاء على مدن في سوريا والعراق- فإننا نجد أن رد فعل تنظيم القاعده الأم بقيادة زعيهما (أيمن الظواهري) كان مخيبا لآمال تنظيم داعش. حيث أعرب الظواهري في رسالته الشهيرة (لأبو بكر البغدادي) أمير الدولة الإسلامية والتي سجل فيها مؤاخذات شرعية عديدة أبرزها أن المشروع الجهادي للدولة الإسلامية – حسب الأصول الفكريه عند منظري القاعدة- لا يعترف بحدود ولكن يعترف بالولاية والبيعة الهادفة بالأساس لإقامة حكم الله في الأرض.
وعندما أعلن أبو بكر البغدادي أن تنظيم (جبهة النصرة) جزء من مشروع (الدولة الإسلامية في العراق والشام) فما كان من الظواهري إلا أن أكد على أن الولايه المكانية لدولة العراق هي العراق والولاية المكانية لجبهه النصرة لأهل الشام في سوريا. 
ونحن بدورنا سنقوم برصد أسباب هذا الخلاف على المستويين الفكري والعملي. 
داعش
داعش
مع دخول التنظيمات الجهاديه حلبة الصراع في حركات شعوب الربيع العربي وضد الأنظمة العربية الحاكمة، ولقد نجحت هذه التنظيمات الجهادية المسلحة في إجهاض معظم طموحات شعوب الربيع العربي.
والجميع يعرف أن معظم هذه التنظيمات قد تم دعمه بصورة أو بأخرى (تسليح دعم لوجيستي – عناصر البشرية – غطاء إعلامي - إلخ ) حتى أصبحت هذه التنظيمات تمتلك جميع أنواع السلاح، عدا السلاح الجوي. ولقد خلق هذا الواقع الجديد وما صاحبه من تطور على أرض الواقع الميداني موازين قوى تميل لصالح التنظيمات الأكثر تطرفا، وحيث استطاعت هذه التنظيمات الجهادية أن تفرض نفسها بقوه على ساحات القتال، خاصة في سوريا وليبيا والعراق. فكان لا بد مع التطور الميداني الذي حدث أن يتواكب معه خطاب فكري جديد، فبينما ترى داعش أن تدشين الدوله الإسلامية لا بد وأن يتم على أوسع مساحة من الأرض، وتعتبر إقامة الدولة الإسلامية على أرض الواقع هو الهدف الأسمى والأجدر بالتحقق. 
وعلى الجانب الآخر نجد أن جبهة النصرة ونتيجة لارتباطها بعمل جبهوي على أرض الواقع فإنها تعتبر أن إسقاط نظام بشار الأسد هو الهدف الأقرب والأهم وأن هذا الإسقاط لن يتم إلا بعمل جبهوي مع تنظيمات جهاديه أخرى.
تنظيم القاعدة
تنظيم القاعدة
ويجب أن نشير إلى أن تنظيم داعش بالأساس يقوم على أسس طائفيه تستغل الانقسام الطائفي الحاد في العراق بين السنة والشيعة، وقد يكون مبررا وجودة لمجابهة المحور الإيراني الشيعي والعراقي، ويظهر ذلك جليا في مشروع الدولة الإسلامية التي تمتد من مناطق شرق سوريا مرورا بجنوب تركيا ووصولا إلى الأراضي العراقية، وهذا التصور يجعلنا نتساءل من هو الداعم الحقيقي لتنظيم داعش؟ هناك من يرى أن داعش صناعة أمريكية ضد المد الشيعي في المنطقه، حتى يتم الحفاظ على حاله عدم استقرار داخل العراق، ويظل طلب الحكومة العراقية للدعم الأمريكي مطلبا دائما طوال الوقت، بينما يرى البعض أن القبائل السنية في العراق لها دور بارز في دعم التنظيم ضد التمدد الشيعي في العراق، ومن المؤكد أن هناك حكومات عربية تقوم بدعم داعش، أو بالأدق كانت تدعم داعش، ولكنها الآن تراجع ذلك الدعم بعدما تغولت داعش، وأصبحت تمثل خطرا داهما عليها (يمكننا هنا الإشارة لما تردد عن دعم سعودى خليجي لداعش في أوقات سابقة).
أن تنوع أشكال الدعم بالإضافة إلى محاولة التنظيم لأفغنة العراق وجذب العديد من الشباب الجهاديين من كل أنحاء العالم حتى من أوروبا الغربية (إنجلترا- فرنسا- ألمانيا... إلخ)، ومع تمدد طموح داعش وبخاصة بعد الاستيلاء على مناطق حيوية بها مصافي للنفط، وهذا ما أثار حفيظة الإدارة الأمريكية وأقدمت على عدة ضربات جوية لا تذهب للقضاء على تنظيم داعش ولكن تحافظ هذه الضربات على مصالحها الخاصة وأن صح التعبير أن نقول إنها ضربات محافظة. وقد لجأت مؤخرا الإدارة الأمريكية للتنسيق مع النظام الإيراني على مواجهة تنظيم داعش دون القضاء عليه نهائيا. نعود مرة أخرى إلى جبهة النصرة والتي أكدنا على أنها ترتبط ميدانيا على الأرض وتحت هدف واحد هو إسقاط نظام الأسد وأن آلية عمل التنظيم ترتبط بما يتحقق على الأرض من انتصارات أو إخفاقات أما عن موقف (أيمن الظواهري) زعيم القاعدة الأم والذي لم يستوعب المعطيات الجديدة لواقع التنظيمات الجهادية، وبينما كان تنظيم القاعدة يعتمد على الأعمال التخريبية (تفجيرات – اغتيالات... إلخ) سواء ضد أهداف غربية أو أهداف محلية، وكانت خلايا التنظيم تعمل تحت فكرة المركزية وتتلقى الدعم المادي واللوجيستي من القاعده الأم، وقوة أي تنظيم تقاس بقدرته على إحداث أكبر قدر من الخسائر في الأرواح، من خلال التفجيرات أو الهجوم المسلح على أهداف بعينها، وكان من المعتاد أن يقدم أي تنظيم جهادي صكوك الولاء من القاعده الأم بأن يقدم على عمل إرهابي كبير.
تنظيمات جهادية
تنظيمات جهادية
أما الآن فإن التنظيمات الجهادية منخرطة في معارك مسلحة أشبه بحرب العصابات المسلحة، وقد حققت هذه التنظيمات نجاحا في عدة مناطق (العراق – سوريا – اليمن... إلخ)، وعلى هذا النحو فإنها تعمل بلا مركزية، بل ويرتبط بشروط عديدة أخرى.
عن حقيقه الخلاف بين
والسؤال الآن ما هي نتائج هذا الخلاف القائم والاتهامات المتبادلة بين جميع الأطراف وهل سينسحب هذا الخلاف على جميع فروع القاعدة في العالم. والذي ينذر بتفكك في هيكل تنظيم القاعدة بعد أن وصل الأمر إلى مرحلة القتال والاغتيالات كما هو حادث الآن بين جبهة النصرة وداعش؟
حتى الآن ..... يبدو أن "داعش"... نجحت في خلق أزمة حقيقية لتنظيم القاعدة وزعيمها الظواهري... وباتت الهوة بين حلفاء الأمس، أو الأصل والفرع سابقا، عصية على الردم أو التجسير، وتوارت القاعدة في الظل، لتتقدم "داعش" لصدارة المشهد الجهادي التفكيري ولو إلى حين.

شارك